افتتحت صباح اليوم السبت 18 يونيو2022 بمقر الجهة،أشغال الندوة الموضوعاتية الجهوية التي ينظمها مجلس المستشارين بتعاون وشراكة مع ولاية جهة بني ملال-خنيفرة و مجلس جهة بني ملال- خنيفرة حول “تنمية المناطق القروية والجبلية: رافعة للجهوية المتقدمة والعدالة المجالية-جهة بني ملال-خنيفرة نموذجا”.

وتهدف هذه الندوة إلى مد جسور التواصل بين مختلف الفاعلين والمتدخلين والمهتمين بالشأن التنموي المحلي في إطار الجهوية المتقدمة، لتبادل الخبرات والتجارب، وبلورة اقتراحات وتوصيات لمحاولة بناء تصور واضح وشامل لتنمية المناطق القروية والجبلية، باعتبارها رافعة للجهوية المتقدمة والعدالة المجالية.

وفي سياق كلمته الافتتاحية اشار السيد عادل البراكات رئيس جهة بني ملال خنيفرة، على كون الندوة تكتسي أهمية خاصة ليس فقط بالنسبة للفعاليات والهيئات المشاركة فيها، وإنما لكونها تشكل بحق محطة قوية للتعاون المثمر والبناء بين الجهة والمؤسسة التشريعية بغية تحقيق الأهداف التنموية للجهوية المتقدمة، وتعزيز الحكامة التشاركية، وتحسين فرص النمو الاقتصادي وخلق فرص الشغل، وتحسين ولوج الفئات الهشة والشباب حاملي المشاريع إلى الحياة المهنية. مضيفا على انه سوف لن يذخر جهدا للسير في نهج تعزيز هذا المسار التنموي بهذه الجهة من أجل إطلاق برنامج التنمية السوسيو-اقتصادية الدامجة لساكنة العالم القروي والجبلي، وتعزيز البنية التجهيزية، وتسهيل الولوج إلى خدمات القرب من خلال التنزيل الصارم لبرنامج تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، الذي يهم خمسة محاور أساسية تهم تعميم الربط بالماء والكهرباء، وتوسيع العرض المدرسي، ومحاربة الهدر المدرسي، وتسهيل الولوج إلى الخدمات الصحية، وكذا فك العزلة وبناء الطرق والمسالك القروية والجبلية”.

كما أشار إلى أنه وعلى الرغم مما تحقق من إنجازات على صعيد الجهة، إلا أن حجم الخصاص يبقى كبيرا، وحجم الإمكانيات المالية للجهات جد محدود، ما يتطلب من الجميع البحث عن السبل الممكنة لإيجاد حلول لتمويل البرامج التنموية للجهات، وتمكين الجهات الجبلية من موارد صندوق التضامن بين الجهات تحقيقا لمبدأ العدالة المجالية وتحقيق التوازن بين الجهات.

وأبرز في نفس السياق على كون جهة بني ملال خنيفرة تتوفر على مؤهلات طبيعية فلاحية وغابوية ومائية ومعدنية وسياحية، ومع ذلك تظل فقيرة من حيث تمركز الاستثمارات العمومية للدولة، ما يزيد من صعوبة تحسين جاذبيتها المجالية لاستقطاب الاستثمارات الوطنية والأجنبية لخلق الثروة وفرص الشغل.

وقد استهلت الجلسة الافتتاحية بكلمة كل من السيد النعم ميارة رئيس مجلس المستشارين أكد من خلالها على أن الاهتمام بالمناطق القروية والجبلية يشكل انشغالا رئيسيا وهاجسا دائما لمجلس المستشارين انسجاما مع تركيبته المتفردة وأولويته الدستورية في النظر في القضايا الاقتصادية والاجتماعية والترابية، وبالنظر أيضا إلى أهميتها الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية، فضلا عن أنها مناطق غنية بثروة ثقافية ذات مفعول إيجابي في خلق فرص جديدة للتنمية بالنسبة للساكنة.

مضيفا على أن هذه المبادرة تأتي من منطلق وعي مجلس المستشارين بأن الاهتمام بالمناطق القروية والجبلية يعد أحد المداخل الأساسية لتحقيق التنمية الشاملة، ولترسيخ الديمقراطية ببعديها التمثيلي والتشاركي، وتفعيل مبادئ العدالة الاجتماعية والمجالية، مما يساعد على الاستقرار الداعم لكل إقلاع اقتصادي شامل ومستدام قادر على مواجهة التحديات المعاصرة والحد من الاختلالات الاقتصادية والتباينات الاجتماعية والمجالية.

كما ركز على أهمية السياسات العمومية في تنمية المناطق القروية والجبلية، وضرورة اعتماد مقاربات جديدة للسير في نهج تحقيق العدالة المجالية وتحسين مؤشرات التنمية البشرية بعموم المجال الوطني لتحقيق تطلعات بلدنا من أجل كرامة الإنسان المغربي في الجبال والقرى”.

وفي نفس الاتجاه، تساءل عن حدود تدخل كل من الجهة ومجالس العمالات والأقاليم ومجالس الجماعات في تنمية المناطق القروية والجبلية، وفي ضوء تجارب التعاقد بين الدولة والجهات من خلال عقود-البرامج،متطلعا إلى كون الإجابة عن التساؤلات المطروحة على طاولة النقاش ضمن فعاليات هذه الندوة الموضوعاتية الجهوية، من زاوية الحكامة والالتقائية والتمويل، تشكل مسالك تفكير يمكن ترصيدها ضمن أرضية الملتقى البرلماني الرابع للجهات ” الذي من المنتظر تنظيمه يوم 20 يوليوز المقبل بمقر مجلس المستشارين، تحت شعار “مأسسة النهج التعاقدي كأداة للشراكة بين الدولة والجهات”.

ومن جهته ذكر السيد الخطيب لهبيل والي جهة بني ملال خنيفرة، بكون التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة للمناطق القروية والجبلية، لا زالت تشكل رهانا كبيرا بالنسبة لجميع الفاعلين بالجهة. وهو الرهان الذي لا يتمثل فقط في إخراج ساكنة هذه المناطق من العزلة ومن نقص وصعوبة الحصول على الخدمات الاجتماعية الأساسية، بل أصبح يفرض تعبئة وتضافر الجهود لمواجهة الإكراهات الناتجة عن التحولات المناخية وتوالي مواسم الجفاف الذي أصبح ظاهرة بنيوية، وما ينتج عن ذلك من عجز مستمر في الموارد المائية، وتضرر مجموعة من الأنشطة الفلاحية التي تعتبر المورد الرئيسي لعيش الساكنة بالمجالات القروية والجبلية بالجهة.

كما قدم حصيلة تنفيذ البرامج التي تم إنجازها على مستوى تراب الجهة من خلال التدخلات القطاعية، وكذا برنامج التنمية الجهوية وبرنامج تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية ومشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وهي برامج مكنت من تحسين مؤشرات التنمية البشرية بالجهة، مما سيمكن من الرفع من جاذبية المجال الجهوي وتحقيق الثروة وخلق فرص الشغل.

هذا وتميزت الندوة بتنظيم جلستين خصصت الأولى منها لإلتقائية السياسات العمومية في مجال تنمية المناطق القروية والجبلية، والثانية لتنمية المناطق القروية والجبلية وسؤال التمويل، وشكلت مناسبة لتقاسم وجهات النظر حول إمكانيات النهوض بهذه المجالات القروية والجبلية واستحضار الرهانات الممكنة، دون إغفال تسطير التحديات والإكراهات التي تحول دون تحقيق العدالة المجالية الهادفة إلى تحسين مستوى العيش في هذه المناطق الهشة.

وفي ختام اشغال هذه الندوة أوصى المشاركون بـضرورة إحداث وزارة خاصة بتنمية المناطق القروية والجبلية، ووضع قانون إطار خاص بالمجالات القروية والجبلية ارتكازا على البرامج المندمجة لتنمية المجال القروي والمناطق الجبلية، وجعل العدالة المجالية كورش للتنمية الجهوية في النصوص القانونية. بالإضافة الى وضع سياسات عمومية مندمجة خاصة بتنمية المجالات القروية والجبلية بالجهة، وإعادة النظر في المقاربات التنموية وملاءمتها مع خصوصية المجال الجبلي بالجهة، والعمل على دعم البحث العلمي والابتكار للتحفيز ومواكبة المشاريع التنموية الخاصة بالمجالات القروية والجبلية.

كما أوصت الندوة بـالعمل على تعزيز التدابير الخاصة بالمناطق القروية والجبلية في كل المخططات الخاصة بالبرامج الاجتماعية، كتسريع تعميم ربط المناطق الجبلية بالمدن الكبرى عبر الطرق السيارة، والعمل على تفعيل مطار جهة بني ملال خنيفرة، والبحث عن مصادر جديدة للتمويل على المستوى الوطني والدولي، والتركيز على أهمية صندوق التنمية القروية في تمويل العديد من المشاريع بالمجالات التي تعاني من الهشاشة”. هذا بالاضافة إلى توسيع التغطية الصحية الأساسية بالمناطق القروية والجبلية، وملاءمة المنظومة المدرسية والجامعية مع خصوصيات المجالات القروية والجبلية كتعميم المنح…، وخلق دينامية جديدة في اقتصاد هذه المناطق عبر استهداف القطاعات المنتجة للثروة وفرص الشغل، وتعزيز سياسة توجيه الفلاحة بالمناطق الجبلية كتطوير إنتاج وتسويق المنتوجات المحلية، والمحافظة على البيئة وعلى التراث الثقافي للمناطق الجبلية والقروية وتحويله لثروة اقتصادية.

وفي الختام تمت تلاوة برقية الولاء المرفوعة الى السدة العالية بالله بهذه المناسبة.