اللقاء الجهوي التواصلي حول البرنامج الوطني للتزود بالماء الشروب
كلمة السيد ابراهيم مجاهد رئيس مجلس جهة بني ملال خنيفرة بمناسبة اللقاء الجهوي التواصلي حول البرنامج الوطني للتزود بالماء الشروب
بسـم الله الرحمان الرحيـم والصلاة والسلام
على أشرف المرسلين
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
السيد والي جهة بني ملال-خنيفرة
السادة عمال صاحب الجلالة
السادة رؤساء المجالس الاقليمية
السادة رؤساء الجماعات الترابية
السيد رئيس جامعة السلطان مولاي سليمان
السادة رؤساء المصالح اللاممركزة
السادة ممثلو المجتمع المدني
السادة ممثلو وسائل الاعلام
الحضور الكريم
يشرفني أن أتناول الكلمة أمامكم اليوم في فعاليات هذا اللقاء التواصلي الهام. ويسعدني في البداية أن أتقدم بالترحيب لكافة الحاضرين والمشاركين في أشغال هذا اللقاء التوصلي الجهوي حول البرنامج الأولوي الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي، الذي تنظمه ولاية جهة بني ملال-خنيفرة بتعاون مع مجلس الجهة، والذي يندرج في سياق تنفيذ محاور الإتفاقية الإطار التي تم التوقيع عليها أمام أنظار صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بتاريخ الإثنين 13 يناير 2020، خاصة منها المحور الخامس والمتعلق بالتواصل والتحسيس، والذي يروم تحسين مستوى التنسيق بين جميع المتدخلين في إنجاز هذا البرنامج وكذا تحسيس وتوعية مستعملي الماء، وعموم المواطنين بضرورة الإقتصاد في استخدامه و الرفع من مستوى إنتاجيته وتثمينه.
حضرات السيدات والسادة
لقد أصبح تدبير الموارد المائية اليوم، يشكل أهم الانشغالات وأكبر الأولويات بالنسبة لكل دول العالم خاصة منها الدول التي تعاني من ندرة المياه أو تدهور جودتها.
وعلى غرار باقي الدول، فقد حظي قطاع الماء بالمغرب وطرق تدبيره باهتمام خاص، بل وظل يحتل مركز انشغال للسياسات الإقتصادية، نظرا لدوره المهم في ضمان تلبية الحاجيات من المياه، و مواكبة التطور في توفير الأمن المائي للمملكة ومواكبة تنميته.
وفي هذا الإطار، فقد شرع المغرب منذ مدة طويلة في نهج سياسة دينامية لتزويد المغرب ببنية تحتية مائية مهمة وتحسين الولوج إلى الماء الصالح للشرب، وتلبية حاجيات الصناعات والسياحة وتطوير السقي على نطاق واسع. وقد مكنت هذه الجهود بلادنا من تطوير وإكتساب خبرة عالية أضحت تشكل مرجعا عالميا في مجال إدارة و تدبير الموارد المائية.
كما حظي قطاع الماء وإشكالاته على الدوام، باهتمام بالغ من طرف مولانا المنصور بالله الملك محمد السادس حفظه الله، إذ مافتئ مولانا صاحب الجلالة يولي أهمية قصوى للماء، بتأكيد و حرص جلالته في أكثر من مناسبة على ضرورة المحافظة على الموارد الإستراتيجية للبلاد وتثمينها وفي مقدمتها الماء. وأستحضر في هذا الإطار بعضا من خطب جلالة الملك، حيث يؤكد جلالته في الرسالة المالكية السامية الموجهة للمشاركين في الدورة التاسعة للمجلس الأعلى للماء والمناخ لسنة 2001: "ولهذا فقد آن الأوان لنغير جذريا نظرتنا وسلوكنا تجاه الماء من خلال تدبير الطلب عليه وعقلنة استهلاكه، مع مواصلة الجهود من أجل تعبئة كافة الموارد المائية القابلة لذلك، والسير قدما في سبيل إنجاز منشآت التخزين وتحويل المياه من الأحواض ذات الفائض نحو الأحواض المعوزة سعيا لتحقيق التضامن بين الجهات.
ومن أجل تخفيف العبء عن كاهل الإستثمار، فقد أصبح من اللازم البحث عن صيغ جديدة لتمويل وتدبير التجهيزات المائية. كما ينبغي مراجعة اختياراتنا المتعلقة بأنواع إنتاجنا الفلاحي الذي نعتبره في صلب أولوياتنا، آخذين بعين الاعتبار عنصر ندرة المياه والتكلفة الحقيقية للإنتاج بالنسبة لبلادنا".
كما يؤكد جلالته في الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى الـ19 لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين: " إن حرصنا على النهوض بالأوضاع الاجتماعية، ورفع التحديات الإقتصادية، لا يعادله إلا عملنا على الحفاظ على الموارد الإستراتيجية لبلادنا وتثمينها، وفي مقدمتها الماء، اعتبارا لدوره الرئيسي في التنمية والاستقرار".
حضرات السيدات والسادة:
فكما لايخفى عليكم، أن الماء يبقى من أهم العناصر الحيوية والضرورية للحياة وللتنمية الإقتصادية والاجتماعية، بل ويشكل عنصرا استراتيجيا في المسار التنموي لأية جهة من جهات المملكة.
وبجهة بني ملال-خنيفرة التي حباها الله بمعطيات طبيعية واقتصادية مهمة، تشكل الموارد المائية بها سواء تعلق الأمر بالمياه السطحية أوالجوفية أوالعيون أوالبحيرات أوالأنهار، إحدى الدعائم الأساسية للنهوض بهذه الجهة والدفع بتنميتها الإقتصادية والإجتماعية، كما لعبت دورا مهما و أساسيا في توفير وتلبية مختلف الإحتياجات من الماء لا في مجال التزود بالماء الشروب، ولا في مجالات السقي .
غير أنه وبالرغم من أهمية هذه المادة كقاطرة للتنمية ومحركها الأساسي، فإنها يمكن كذلك أن تكون العائق الأكبر لهذه التنمية، خاصة من جهة في ظل التزايد المستمر على هذه المادة من طرف المواطنين لتوفير الماء الشروب، ومن جهة ثانية كون هذه الجهة تعد جهة فلاحية بالدرجة الأولى، هذا إلى جانب بروز بعض الأنشطة الأخرى كالنشاط السياحي والصناعي وغيرها من الأنشطة. كل هذا أضحى يخلق إحتياجات إضافية من الماء، و يتطلب مقاربة إستراتيجية تستهدف تلبية هذا الطلب المتزايد.
وإذا كانت معالجة الإشكالات المرتبطة بالماء على المستوى الجهوي، تقتضى العمل على إقرار سياسة جهوية مائية، قائمة على نظرة استشرافية تضع نصب أعينها تطور الموارد المائية من جهة، في علاقتها بتطور الحاجيات من هذه المادة من جهة أخرى، فقد شكلت الاتفاقية الإطار التي تم التوقيع عليها أمام صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله خارطة الطريق الكفيلة بإبتكار طرق جديدة في إنتاج وتدبير الموارد المائية، من خلال ما تضمنته من محاور ستهم كل من:
العمل على تنمية العرض المائي.
التحكم في الطلب على الماء وتثمينه.
تقوية التزويد بالماء الصالح للشرب بالمجال القروي، وتعميمه والقضاء على الهشاشة التي تعرفها بعض المناطق.
إعادة استعمال المياه العادمة.
وأخيرا التواصل والتحسيس، و تحسين مستوى التنسيق بين جميع المتدخلين في إنجاز هذا البرنامج.
حضرات السيدات والسادة
لقد أناط القانون التنظيمي رقم 111.14، بمجالس الجهات مسؤوليات كبرى تروم النهوض بالتنمية المستدامة والمندمجة، كما جعل من بين عناصر تحقيق هذا النهوض المحافظة على الموارد الطبيعية، وحسن تدبيرها وتنميتها، و لا خلاف في كون الماء يبقى أساس هذا النهوض سواء تعلق الأمر بالماء الشروب أو مياه السقي.
ومن هذا المنطلق فقد عمل المجلس الجهوي على اعتماد مجموعة من المبادرات الهامة التي تروم تزويد ساكنة تراب هذه الجهة بالماء الشروب، من خلال مساهمته في برنامج تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية من جهة، ومن جهة ثانية في إبرامه بصفة مباشرة لعدد من مشاريع الشراكات مع عدد من الشركاء الجهويين والإقليميين من مجالس اقليمية وجماعات ترابية، بحيث بلغت استثمارات الجهة في مجال تعميم التزود بالماء الصالح للشرب، من خلال برنامج التنمية الجهوية وبرنامج تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية خلال الأربع سنوات الأولى من عمر الولاية الانتدابية الحالية ما مجموعه 125 مليون درهم. بالإضافة إلى مساهمة الجهة في مجموعة من اتفاقيات الشراكة مع المجالس الإقليمية والجماعات الترابية الأخرى بما يزيد عن 100 مليون درهم. كما أن مجلس الجهة رصد اعتمادات إضافية برسم الجزء الثاني من برنامج التنمية الجهوية لسنوات 2019-2021 بما مجموعه 200 مليون درهم، لتصل بذلك مساهمة الجهة في تعزيز الربط بالماء الشروب مع متم سنة 2021 إلى 425 مليون درهم.
غير أن انخراطنا في التعاطي مع إشكالات الماء سوف لن يقف عند هذا الحد، إذ سيظل مجلس جهتنا منفتحا أمام كل المبادرات المزمع اتخاذها في هذا الإطار، والكفيلة بتقوية استجاباتنا لإشكالية تنمية وتدبير الماء بجهة بني ملال-خنيفرة.
ولا يفوتني في ختام كلمتي هذه، أن أجدد شكري لكافة المشاركين في هذا أشغال هذا اللقاء الجهوي التواصلي.
وفقنا الله لما فيه خدمة الصالح العام تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.